العنف ضد النساء في ظل جائحة كورونا المستجد

العنف ضد النساء في ظل جائحة كورونا المستجد أفرزت أزمة وباء كورونا المستجد " كوفيد 19 " العديد من األزمات على المستوى االجتماعي واالقتصادي للسواد األعظم من المواطنين/ات ، فمع مطلع عام 2020 ، ووفق تصريحات منظمة الصحة العالمية ، بدأت دول العالم في اتخاذ تدابير احترازية متنوعة من اجل الحفاظ على السالمة الصحية لمواطنيها ، من بينها " التباعد الجسدي " ، تلك اإلجراءات التي كان لها العديد من اآلثار التي مازال العالم يعيشها حتى اآلن ، ومن المتوقع أن تستمر لفترة أطول من ذلك ، اآلثار التي بدأت تتسبب في حالة من الرعب ، والفزع تمركزت بالأساس على جانب الصحة العامة ، وأثار الجائحة على حياة المواطنين/ات ، ولكن كانت هناك بالطبع سلبيات متوقعة على المواطنين/ات من الناحية االجتماعية واالقتصادية ، حيث عملت العديد من المؤسسات سواء الحكومية أو األهلية على الحد منها،ومن بين تلك اآلثار، األزمات النفسية ، التي يمكن أن يتعرض لها بعض المواطنين / ات نتيجة عملهم الذي يجعلهم في مواجهة الوباء ، أو كنتيجة مباشرة لإلجراءات االحترازية المتبعة ومع طول فترة اإلجراءات االحترازية ، ارتفعت اآلثار السلبية لتشمل ، العنف االجتماعي ، األسري، خاصة ضد النساء ، وأصبحت أكثر وضوحا بمرور الوقت. النساء والعمل : في ظل أزمة انتشار جائحة وباء كورونا المستجد كانت النساء من أكثر الفئات تضررا بسبب فقدانهن العمل نتيجة لإلغالق الجزئي لألنشطة االقتصادية ، والتي أعلنتها الحكومة المصرية كجزء من التدابير االحترازي ة المتبعة لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19 ، "والتي عملت الحكومة على تخفيف آثارها عندما أطلقت حملة لدعم العمالة غير المنتظمة خالل فترة التوقف الجزئي،كما اتخذت قرارات بتقديم الدعم المالي لمدة ثالثة شهور لصالح العمالة غير المنتظمة ،وبالرغم من إيجابيات القرار إال انه تمركز حول العمالة في قطاع التشييد والبناء باعتباره القطاع األبرز الذي تأثر بشكل كبير نتيجة التوقف ، وهو القطاع الذي يعمل فيه الكتلة األكبر من الذكور ، فوفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة واإلحصاء والذي أعلن بحث القوى العاملة في الربع األخير من عام 2020 4 . بلغ عدد المشتغلين في التشييد والبناء 369,3مليون مشتغل ) 351,3مليون من الذكور ،18 ألف من اإلناث (بنسبة 9,12 ٪من إجمالي المشتغلين.، وهو ما يعني هيمنة الذكور على الدعم النقدي المقدم من الدولة دون النساء. وبالرغم من تمركز عمل النساء بشكل اكبر في العديد من القطاعات مثل الزراعة البحتة ، العمالة المنزلية ، الغزل والنسيج ونتيجة غياب إحصائيات دقيقة تخص تلك القطاعات ، لم تتمكن النساء من الوصول بقدر كافي للدعم الذي تم تقديمه من قبل الدولة خالل فترة التوقف الجزئي لألنشطة االقتصادية . وكانت العامالت في المنازل بكافة التصنيفات المرتبطة بهذا القطاع األكثر تضررا،حيث فقدن النساء وظائفهن وبتالي مورد رزقهن المرتبط بتلك اإلعمال المختلفة ، ونتيجة عدم وجود قانون يحمي ويصون حقوقهن في العمال ، ال يوجد إحصائيات دقيقة يمكن االعتماد عليها فيما يخص حجم فقدانهن لتلك الوظائف وحجم اآلثار الناتجة عنه ، ولكن يمكن من خالل المشاهدات المباشر خاصة أن تلك الوظائف مرتبطة بشكل مباشر داخل المنازل ، وحالة الرعب والهلع المتالزم مع انتشار العدوى بالفيروس ، فقدت العامالت في هذا القطاع وظائفهن وفي هذا الصدد تنص اتفاقية منظمة العمل الدولية )رقم 189 ،)اتفاقية العمال المهاجرين، لسنة 2011؛ على أن لكل عامل منزلي الحق في بيئة عمل آمنة وصحية. ويجب اتخاذ تدابير فعالة مع مراعاة الظروف الخاصة بالعمل المنزلي، لضمان السالمة والصحة المهنيتين للعمال المنزليين. - وينبغي على الدول التي تنظر في إجراء اختبارات طبية للعمال المنزليين، أن تراعي ما يلي، )وذلك وفقا لتوصية منظمة العمل الدولية )رقم 201 ،)توصية العمال المهاجرين، لسنة 2011 : 1 إتاحة المعلومات المتعلقة بالصحة العامة ألفراد األسر وللعمال المنزليين بشأن المشاكل الرئيسية ذات الصلة بالصحة واألمراض التي تستدعي تلك االختبارات. 2 إتاحة المعلومات ألفراد األسر وللعمال المنزليين بشأن االختبار الطبي الطوعي والمعالجة الطبية وممارسات الصحة والنظافة الجيدة، بما يتماشى مع مبادرات الصحة العامة لصالح المجتمع عموما. 3 نشر معلومات عن أفضل الممارسات بالنسبة إلى االختبار الطبي المرتبط بالعمل، تكون مكيفة بشكل مناسب لتتجلى فيها الطبيعة الخاصة للعمل المنزلي. فغياب تلك المعايير لعب دورا محوريا في فقدان العديد من النساء وظائفهن المرتبطة بالعمل المنزلي. أما فيما يخص قطاع الغزل والنسيج ، والذي يعد من أكبر القطاعات التي يغلب عليها عمل النساء في كافة المؤسسات المتعلقة بنشاط الغزل والنسيج سواء المصانع الكبرى ، أو الصغير والورش والصناعات التكميلية لقطاع الغزل والنسيج ، والذي يعد احد القطاعات التي يتمركز فيها العمالة غير منتظمة ، فكان اإلغالق الجزئي سبب مباشر في فقدان العديد من النساء وظائفهن في هذا القطاع إلى جانب قلة أو ندرة توفير تدابير الوقاية والحماية من تفشي وباء كورونا خاصة في المصانع الصغير والورش والصناعات التكميلية. فطبقا التفاقية منظمة العمل الدولية )رقم 155 ،)اتفاقية السالمة والصحة المهنيتين، لسنة 1981؛ يضطلع أصحاب العمل بالمسؤولية الشاملة لضمان اتخاذ كافة التدابير الوقائية ، والحمائية لتقليص المخاطر المهنية إلى أدنى مستوى ممكن. - كما يُطلب من أصحاب العمل أن يوفروا، عند االقتضاء، وإلى الحد الممكن والمعقول ما يكفي من المالبس والمعدات الواقية بدون أن يتكبد العامل أي تكلفة. كما يضطلع أصحاب العمل بمسؤولية توفير المعلومات المناسبة والتدريبات المالئمة حول السالمة والصحة المهنيتين؛ واستشارة العمال عن الجوانب المتصلة بعملهم، وتأمين تدابير مناسبة للتعامل مع حاالت الطوارئ؛ كما يلتزمون بإبالغ تفتيش العمل بأية حاالت أمراض مهنية تظهر في أماكن العمل. - يجب على العمال أن يتعاونوا مع صاحب العمل لتمكينه من تأدية التزامات السالمة والصحة المهنيتين الملقاة على عاتقه،وأن يمتثلوا لتدابير السالمة المتخذة،وأن يعتنوا عناية معقولة بسالمة اآلخرين )بما في ذلك تجنب تعريض اآلخرين لمخاطر خاصة بالصحة والسالمة، وأن يستخدموا أجهزة السالمة ومعدات الحماية بشكل صحيح(. - وال يجوز أن يرتب على اتخاذ تدابير السالمة والصحة المهنيتين أية مصاريف يتحملها العمال. - وينبغي أن يعلن عن تدابير في أماكن العمل، تتيح للعمال أن يبلغوا رؤساءهم المباشرين عن أي حالة يعتقدون لسبب معقول، أنها تشكل تهديدا وشيكا وخطيرا لحياتهم أو صحتهم. وال يجوز لصاحب العمل أن يطالب العمال بالعودة إلى موقع عمل فيه تهديد وشيك وخطير للحياة أو الصحة، حتى يتخذ تدابير عالجية، عند االقتضاء. - كما ينبغي أن يطلع العمال بطريقة كافية ومالئمة على المخاطر الصحية التي ينطوي عملهم عليها. - يحق للعامل االنسحاب من موقع عمل يعتقد لسبب معقول أنه يشكل تهديدا وشيكا وخطيرا لحياته أو صحته. وعندما يمارس أحد العاملين هذا الحق يجب أن يحظى بالحماية من أية عواقب. ولكن في ظل ضعف إمكانيات قطاع السالمة والصحة المهنية التابع لوزارة القوى العاملة خاصة فيما يتعلق بالتفتيش والمتابعة داخل أماكن العمل ، لم يتم توفير تلك التدابير بشكل مقبول في بعض األحيان ، أو تم تخفيض عدد العاملين وتسريحهم عن العمل سوء في مقابل توفير تلك التدابير أو لضعف وقلة وجودها. ونتيجة تلك األوضاع والتي انعكست على النساء بشكل أساسي فيما يتعلق بانخفاض العامالت في الحديد من القطاع فوق بحث القوى العاملة الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة واإلحصاء خالل الربع األخير من عام 2020 . بلغ عدد المشتغلين بأجــر نقدي203,19مليون مشتغل ) 412,16 مليون ذكور ، 791,2 مليون إناث( بنسبة 5,73 ٪ من إجمالـــــي المشتغلين مقابل 9,75 ٪فى الربع السابق . بلغ عدد المشتغلين أصحـــاب األعمـــــال 595,2 مليون مشتغل ) 496,2 مليون مشتغل من الذكور ، 99 ألف مشتغلة من اإلناث( بنسبة 9,9 ٪من إجمالــي المشتغلين مقابل 7,8 ٪في الربع السابق. بلغ عدد المشتغلين ممن يعملون لحسابهم وال يستخدمون أحد 117,3 مليون مشتغل ) 810,2 مليون مشتغل من الذكور ، 307 ألف مشتغلة من اإلناث( ، بنسبة 9,11 ٪من إجمالي المشتغلين مقابل 0,11 ٪فى الربع السابق . بلغ عدد المشتغلين المساهمون في أعمال - مشروعات ) داخل األسرة ( بدون أجر 195,1 مليون مشتغل ) 590 ألف مشتغل من الذكور ، 605 ألف مشتغلة من اإلناث ( بنسبة 6,4 ٪من إجمالي المشتغلين مقابل 4,4 ٪فى الربع السابق. بلغ معـــدل المســـــاهمة فــي النشاط االقتصادي 1,41 ٪ من جملة السكان )15 سنة فأكثر( خالل الربع الحالى، بينما كان 9,38 ٪خالل الربع الثاني من عام 2020 مقابل 2,42 ٪ في الربع المماثل من العام السابق. بلغ معدل المساهمة ) الذكـور 4,67 ٪مقابل 0,65 ٪فى الربع السابق، اإلنـــاث 4,13 ٪ العنف االجتماعي ضد النساء : تعرف األمم المتحدة العنف الممارس ضد المرأة بأنّه "أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة". وكان ألزمة تفشي جائحة وباء كورونا المستجد آثار على ارتفاع معدالت العنف ضد النساء ، والتي كان من أبرزها العنف االلكتروني ، وأصبح العنف عبر وسائل التواصل االجتماعي المتعددة على شبكة اإلنترنت من أبرز أشكال العنف وضوحا في ظل الوباء ، ومن بين تلك الوسائل، التي شهدت أشكال متنوعة من العنف كان تطبيق "التيك توك" ، فكان الهجوم على الشابات ، من صانعات المحتوى ،على تطبيق »التيك توك « هو المشهد األبرز ،على وسائل التواصل االجتماعي ، ويأخذ العنف أشكاال متعددة ما بين السب والقذف ، التحرش اللفظي ، واالغتصاب ، وصل إلى حد اتهامهن بتحريض النساء والفتيات على الفسق والفجور، وتقديم بالغات رسمية ضدهن ، ودعوة السلطات التنفيذية إللقاء القبض عليهن وتحويلهن إلى المحاكمات ، من بعض رواد وسائل التواصل االجتماعي المختلفة. األمر الذي نال استحسان عدد كبير من مستخدمي وسائل التواصل االجتماعي ، وبعض الشخصيات العامة ، وبعض اإلعالميين ، الذي شاركوا عبر وسائل اإلعالم المختلفة في دعوة السلطات التنفيذية والقضائية بمعاقبة بعض النساء من صانعات المحتوى على وسائل التواصل االجتماعي المختلفة ، وهو األمر الباعث للقلق ، حول ارتفاع معدالت العنف االجتماعي ضد النساء ، المغلف بإجراءات قانونية ضدهن ، والذي يعد انتهاكا للدستور المصري الذي أكد على المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين ، وكذالك اإلستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد النساء ، اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. كما تعددت أشكال العنف داخل األسرة حيث شهدت األعباء الواقعة على عاتق النساء ارتفاعا ملحوظ نتيجة تفشي وباء كورونا المستجد،وأصبحت الرعاية الطبية عاتق جديد تتحمله النساء وحدهن لخدمة كافة إفراد األسرة ، إلى جانب العنف البدني فلألسف الشديد برغم من ندرة األرقام التي يمكن االعتماد عاليا ف ي هذا الشأن ، إال انه تم تسجيل العديد من حاالت العنف البدني المبني على النوع االجتماعي وصلت إلى حد محاوالت قتل النساء الالتي تعرضن لإلصابة بالفيروس خوفا من تفشي الوباء داخل األسرة. التوصيات: بالرغم من إعالن الدولة تبني الدولة إلستراتيجية، تمكين المرأة 2030 وكذلك اإلستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد النساء ، إال أن التدابير ،اإلجراءات المتبعة ال ترقي إلى حجم المشكالت والتحديات التي تقف حائال أمام تمكين النساء،ومناهضة العنف ضدهن والتي تستوجب بيئة تشريعية تساهم في تمكين النساء ومنها : 1 - إصدار قانون موحد لتجريم العنف ضد النساء. 2 - اإلسراع في إنشاء المفوضية المستقلة لمناهضة العنف ، والتمييز التي أقرها الدستور المصري في المادة 53 . 3 - إصدار قانون أحوال شخصية يمكن النساء من حقوقهن المسلوبة. 4 – إصدار قانون عمل يحمي ، ويصون حقوق عامالت المنازل ،والزراعة البحتة. 5 - العمل على ضرورة تدريس الجنسانية ،والتثقيف الجنسي الشامل ، المساواة ما بين الجنسين بجميع المراحل التعليمية بداية من المرحلة االبتدائية حتى الجامعة مع إتاحة المواد العلمية في وحدات الرعاية الصحية األولية ، النوادي الثقافية ، االجتماعية ،والرياضية . 6 العمل على ضرورة تدريس العنف ضد النساء ، ودور البنية التشريعية في الوصول للعدالة والمساواة لطالب / طالبات كليات الحقوق بالجامعات المصرية المختلفة. 7 - العمل على إعداد برامج تدريبية ، وتأهيلية وفق المعايير الدولية لمناهضة العنف ضد المرأة لنواب البرلمان ، أعضاء الهيئات القضائية ، وأعضاء السلطة التنفيذية. مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون