نهاية عام 2019 بدا الحديث على استحياء عن فيروس كورونا "كوفيد 19" الذي بدا في الظهور في قارة آسيا وتحديدا في مدينة ووهان الصينية ، فالأمر حين ذاك كان اعتياديا ومتكررا في الصين ، ومع مطلع عام 2020 اجتاح الخوف والذعر العالم عندما اعتبرت منظمة الصحة العالمية الفيروس الجديد جائحة تهدد حياة الناس حول العالم ، وبدا المشهد مرتبكا والحكومات لا تملك تدابير حقيقية لوقف انتشار الفيروس المتسارع في كل مكان ، الوضع الذي كشف بشكل صارخ عن ضعف المنظومة الصحية على مستوى العالمي ، وترتب عليه قرارات وتدابير اتخذتها الحكومات كان لها اثار سلبية على حياة السواد الأعظم من الناس حول العالم سواء على المستويين الاجتماعي أو الاقتصادي . ولكن تداعيات أزمة كورونا لم تتوقف عن الجانب الاقتصادي والاجتماعي بل امتدت أيضا إلى الجانب الصحي ليس فقط فيما يخص تفشي الفيروس ، وارتفاع نسبة الإصابات بين الناس حول العالم ، ولكن انقطاع أو نقص الخدمات الطبية المقدمة لأصحاب بعض الأمراض المزمنة خاصة المصابين بنقص المناعة المكتسبة "الإيدز" الوضع الذي كان شديد الوضوح في قارة إفريقيا .
متلازمة نقص المناعة المكتسبة : -
في عام 1981 وتحديدا في الولايات المتحدة الأمريكية ابتدأ المرض بظهور خمس حالات إصابة بالتهاب رئوي حاد كلهم من الشباب دون مبرر طبي واضح ، لتتجاوز الإصابات في نهاية العام 270 إصابة، بينما بلغت الوفيات 121 حالة وسط حالة من الذعر والخوف من انتشار هذا المرض الغامض بين المواطنين ، والذي أطلق عليه حين ذاك متلازمة نقص المناعة المكتسبة ، واستطاع العلماء بعد مرور الوقت اكتشاف الفيروس الجديد ، لكن تبقى سؤال دون إجابة من أين جاء هذا الفيروس ؟ وكيف استطاع إصابة الجنس البشري ، وكيف تحدث الإصابة ، الانتقال بين البشر ؟ توصل العلماء في نهاية المطاف إلى أن فيروس HIV أو الايدز نقل عبر الاختلاط بأنواع معينة من القردة في غرب أفريقيا نتيجة ممارسات الصيد الجائر الذي كان يقوم به المواطنين في هذه البقعة من العالم ، ونتيجة هذا الاختلاط سواء الجروح أو العض أثناء الصيد أو أكل لحوم القردة استطاع الفيروس أن يطور من ذاته ليصيب الإنسان . ومع تتبع الجين الخاص بالفيروس اكتشف العلماء أن فيروس نقص المناعة المكتسبة "الإيدز"، ربما يكون قد بدأ في إصابة البشر ما بين عام 1915 - 1920 .
ومع نهاية عام 1981 بلغت نسبة الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة 300 ألف إنسان تقريبا حول العالم . وأخذت النسبة في الارتفاع من خلال تبادل السرنجات الملوثة ونقل الدم والعلاقات الجسدية غير الآمنة ، ومن الأم الحامل إلى جنينها أثناء الحمل ، الولادة ، أو أثناء الرضاعة وسط عدم معرفة حقيقية لأسباب الانتقال بين البشر ليصاب به جميع الفئات العمرية ما بين الأطفال ، الشباب ، وكبار السن سواء من الرجال أو النساء لتتحول الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة إلى مرض مستوطن ما بين البشر منذ أربعون عام تقريبا حيث وصلت نسبة الإصابات حول العالم منذ اكتشاف المرض إلى ما يقرب من 38 مليون إصابة وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية ، بما يقرب من مليون ونصف إصابة سنويا وأكثر من سبعمائة حالة وفاه حول العالم كل عام.
لكن خلال السنوات الماضية حدث تطور كبير في العلاجات المتوفرة لمقاومة الفيروس ، ليصبح الآف من المصابين يعيشون بصحة جيدة دون مضاعفات خطيرة ، وبالرغم من هذا الوضع الإيجابي والذي كان يجب أن يتطور أكثر من ذلك في ظل الجهود الرامية لوصول إلى علاجات نستطيع من خلال إنهاء هذا المرض ووقف انتشاره ما بين البشر ، إلا أن ظهور فيروس كورونا عام 2019 كانت له آثار سلبية على هذا الصعيد وفق تصريحات منظمة الصحة العالمية.
منظمة الصحة العالمية:-
تضطلع منظمة الصحة العالمية بدور القيادة على الصعيد العالمي في مجال الصحة العمومية ضمن منظومة الأمم المتحدة.
وتعمل منظمة الصحة العالمية، التي تأسست في عام 1948، مع 194 دولة عضو على نطاق ستة أقاليم وأكثر من 150 مكتبًا في سبيل تعزيز الصحة ، الحفاظ على سلامة العالم وخدمة الضعفاء.
وتتمثل أهدافها للفترة 2019-2023 في ضمان استفادة مليار شخص آخر من التغطية الصحية الشاملة وحماية مليار شخص آخر من الطوارئ الصحية على نحو أفضل وتمتُّع مليار شخص آخر بمزيد من الصحة والعافية وفق تعريف منظمة الصحة العالمية .
وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز، إلى أنه "إذا لم تُبذل جهود للتخفيف من أثر توقّف توفير الخدمات والإمدادات الصحية ووضع حد لها أثناء جائحة كوفيد-19، فإن تعطّل المعالجة بمضادات الفيروس القهقرية لمدة ستة أشهر يمكن أن يسفر عن أكثر من 500 ألف حالة وفاة إضافية ناجمة عن أمراض مرتبطة بالإيدز، بما فيها السل ، في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى خلال الفترة 2020-2021". وفي عام 2018، سُجّل ما يقدّر بنحو 470 ألف حالة وفاة مرتبطة بالإيدز في هذه المنطقة.
وأكدت منظمة الصحة العالمية أن هناك أسباب مختلفة متعددة يمكن أن تؤدي إلى توقّف الخدمات، وشددت على ضرورة أن تتخذ المجتمعات المحلية والدول الشركاء إجراءات وتدابير على الفور لأن أثر تعطّل المعالجة بمضادات الفيروس القهقري لمدة ستة أشهر يمكن أن يعيد بالفعل عقارب الساعة إلى عام 2008 فيما يتعلق بالوفيات المرتبطة بالإيدز، حيث سجل آنذاك أكثر من 950 ألف حالة وفاة مرتبطة بالإيدز في المنطقة. وسيتواصل تسجيل وفيات بأعداد كبيرة لمدة خمس سنوات أخرى على الأقل بسبب تعطّل الخدمات، أي بزيادة سنوية بنسبة 40٪ في المتوسط على مدى نصف العقد المقبل. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون لتعطّل الخدمات المتصلة بفيروس العوز المناعي البشري بعض الأثر على معدلات الإصابة بالفيروس خلال العام المقبل.
فوفق منظمة الصحة العالمية "إن الاحتمال المفزع بوفاة نصف مليون شخص في أفريقيا بسبب أمراض مرتبطة بالإيدز هو بمثابة عودة بالزمن إلى ماض بعيد . ويجب أن ننظر إلى ذلك باعتباره نداء موجها إلى البلدان لتنبيهها إلى ضرورة تحديد سبل كفيلة بضمان الحفاظ على الخدمات الصحية الحيوية كافة. وفيما يتعلق بفيروس العوز المناعي البشري، تتخذ بعض البلدان بالفعل خطوات هامة، مثل ضمان إمكانية حصول الناس على كميات كبيرة من حزم العلاج وغيرها من السلع الأساسية، بما فيها مجموعات لوازم الاختبار الذاتي، من نقاط الاستلام المخصصة لهذا الغرض، مما يخفّف الضغط على الخدمات الصحية والقوى العاملة الصحية. ويجب علينا أيضًا أن نضمن استمرار تدفق الإمدادات العالمية من الاختبارات والعلاجات إلى البلدان التي هي بحاجة إليها".
ففي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، هناك ما يقدر بنحو 25.7 مليون شخص متعايش مع فيروس العوز المناعي البشري من بينهم 16.4 مليون (64٪) شخص يتلقون المعالجة بمضادات الفيروس القهقرية في عام 2018. ويواجه هؤلاء الناس الآن خطر توقّف العلاج بسبب إغلاق الخدمات المتصلة بفيروس العوز المناعي البشري أو عجزها على توفير المعالجة بمضادات الفيروس القهقرية نتيجة تعطّل سلسلة الإمداد أو لأنه، ببساطة، لم تعد هذه الخدمات قادرة على تحمل العبء الملقى على كاهلها بسبب وجود احتياجات متعارضة في سياق الاستجابة لجائحة مرض كوفيد-19.
واشتركت الأمم المتحدة مع منظمة الصحة العالمية فيما يتعلق بفيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز حيث أكدت على انه "يجب ألا تكون جائحة مرض كوفيد-19 عذراً لتحويل الاستثمارات المخصصة لفيروس العوز المناعي البشري لأغراض أخرى. فهناك احتمال أن يضحى بالمكاسب التي تحققت بشق الأنفس في إطار الاستجابة للإيدز في سبيل مكافحة مرض كوفيد-19، غير أن الحق في التمتع بالصحة لا ينبغي أن يعني مكافحة مرض ما على حساب مرض آخر."
وعلى جانب متصل إن الشيء الأكثر قلقا هو احتياج النساء المصابات بفيروس نقص المناعة المكتسبة إلى الاستمرار في تلقي العلاج بشكل منتظم قدر الإمكان ففي حال توقف أو ضعف قدرتهن في الوصول إلى العلاجات ، من المتوقع أن يتم إصابة 100% من الأطفال أثناء الولادة أو أثناء الرضاعة من الأمهات المصابات بالفيروس ، وهو أمر شديد الخطورة يعرق من محاولات الرامية للتخلص أو السيطرة على انتشار الفيروس لسنوات قادمة.
في هذا السياق تؤكد منظمة الصحة العالمية انه وفي حال التزام الشخص المصاب بفيروس العوز المناعي البشري بالعلاج، ينخفض حمله الفيروسي إلى مستوى يصعب الكشف عنه، مما يضمن الحفاظ على صحة هذا الشخص ويقي من انتقال الفيروس لاحقا. وعندما يتعذّر على الشخص المصاب تلقّي المعالجة بمضادات الفيروس القهقرية بانتظام، فإن حمله الفيروسي سيزداد، مما يؤثر على صحة الشخص وبالتالي ربما يؤدي إلى وفاته في نهاية المطاف. وحتى إذا توقّف العلاج لمجرد فترة قصيرة نسبيا، فذلك يمكن أن يكون له أثر سلبي جسيم على صحة الشخص وعلى إمكانية انتقال فيروس العوز المناعي البشري إلى أشخاص آخرين .
ففي حالة تعطل العلاجات لمدة ستة أشهر، تراوحت تقديرات الوفيات الإضافية المرتبطة بالإيدز في عام واحد من 471 ألف حالة إلى 673 ألف حالة، مما يعني أنه لا شكّ أن العالم لن يحقق الغاية العالمية لعام 2020 والمتمثلة في تسجيل أقل من 500 ألف حالة وفاة مرتبطة بالإيدز على الصعيد العالمي .
أما فيما يخص حالات التعطّل لفترة أقصر مدتها ثلاثة أشهر، فسيترتب عليها أثر منخفض، لكنه لا يزال هاما، على الوفيات الناجمة عن فيروس العوز المناعي البشري. وسيؤدي حدوث المزيد من حالات التعطّل المتقطع في إمدادات المعالجة بمضادات الفيروس القهقرية إلى الالتزام بالعلاج بشكل غير ثابت، مما يتسبب في انتشار مقاومة الأدوية المضادة لفيروس العوز المناعي البشري، مع كل ما ينطوي عليه ذلك من عواقب طويلة الأجل على نجاح العلاج مستقبلا.
ويمكن أن يؤدي تعطل الخدمات أيضا لتبديد المكاسب التي تحققت في انخفاض انتقال فيروس العوز المناعي البشري من الأم إلى الطفل. فمنذ عام 2010، انخفضت حالات الإصابة الجديدة بفيروس العوز المناعي البشري بين الأطفال في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 43٪، حيث بلغت 140 حالة في عام 2018 مقابل 250 ألف حالة في عام 2010، بفضل ارتفاع مستوى التغطية بالخدمات المتصلة بفيروس العوز المناعي البشري المقدمة للأمهات وأطفالهن في المنطقة. وقد يؤدي خفض هذه الخدمات لمدة ستة أشهر من جراء جائحة مرض كوفيد-19 إلى ارتفاع كبير في حالات الإصابة الجديدة بفيروس العوز المناعي البشري لدى الأطفال، وذلك بنسبة تصل إلى 37٪ في موزمبيق و78٪ في ملاوي و78٪ في زيمبابوي و104٪ في أوغندا وفق توقعات منظمة الصحة العالمية .
وهناك آثار هامة أخرى لجائحة مرض كوفيد-19 على الاستجابة للإيدز في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والتي قد تتسبب في تزايد حالات الوفاة، وتتمثل في انخفاض جودة خدمات الرعاية السريرية بسبب تعرّض المرافق الصحية لعبء مفرط، وتعليق اختبارات الحمل الفيروسي، وانخفاض وتيرة المشورة المقدمة بغرض الالتزام بالعلاج، فضلا عن التغييرات في النظام الدوائي. وبحث كل نموذج أيضًا مدى تأثير تعطّل خدمات الوقاية، بما فيها تعليق ختان الذكور الطبي الطوعي، ووقف إتاحة العازلات بشكل مؤقت، وتعليق اختبارات الكشف عن فيروس العوز المناعي البشري، على معدل الإصابة بفيروس العوز المناعي البشري في المنطقة.
مصر ومتلازمة نقص المناعة المكتسبة
يبقى الوضع في مصر فيما يتعلق بفيروس نقص المناعة المكتسبة ضبابي الى حد بعيد فبالرغم من التقديرات المرتبطة بأعداد المتعايشين بفيروس نقص المناعة البشرية في مصر والتي تعد منخفضة نسبياً مقارنة بمجموع السكان حيث بلغت 11 ألف شخص لكنه على الجانب الأخر أفادت تقارير أن مصر لديها أعلى نسبة زيادة بالإصابة بالمرض في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي وصلت إلى ٧٦٪ في الفترة ما بين ٢٠١٠ و٢٠١٦.
وهذا فضلاً عن ملاحظة اتجاه مقلق في عدد الحالات المؤكدة التي تصل إلى نسبة ٢٥ – ٣٠٪ سنوياً، والذي يعتبر تحذيراً يشير إلى الحاجة لزيادة الاستثمارات لتجنب نمو المرض وتجنب الفشل في السيطرة عليه وفق اليونيسيف .
كما أنه من الصعب توفير مكان للخدمات الوقائية للمجموعات المعرضة لأعلى درجات الخطر لأن سلوكهم يعتبر جريمة ( متعاطي المخدرات ، نزلاء السجون ، وأطفال بلا مأوى).
وفيما يتعلق بتوفير خدمات الاختبار والرعاية والدعم والعلاج للمتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية، فإن غالبيتهم لا يجرون الاختبارات في وقت مبكر بما يكفي. كما أن هناك نسبة تسرب عالية من العلاج خلال السنة الأولى لعدة أسباب شخصية واجتماعية تشمل نقص المعرفة عن العلاج وفقدان الدعم.
كل تلك العوامل تؤدي إلى نسب مرضى ووفيات أكبر. ففي ٢٠١٦، قدرت أعداد الوفيات بسبب الإيدز بين الأطفال من سن الميلاد وحتى ١٤ عاماً بما يقرب من ١٠٠ حالة وفاة، ووصل عدد الأيتام بسبب الإيدز من سن الميلاد وحتى ١٧ عاماً إلى ٢٢٠٠ يتيم.
وبرغم من هذا الوضع المتشائم إلا أنه لا يجب أن نغفل جهود الدولة الرامية للتقليل من انتشار فيروس الايدز والعمل على دعم المصابين به حيث وضعت إستراتيجية قومية نشطة تغطي الفترة من ٢٠١٥ إلى ٢٠٢٠، لها أهداف طموحة تتبنى وتتوائم مع الأهداف العالمية ٩٠-٩٠-٩٠ "٩٠٪ من المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية يعرفون حالتهم الصحية، و٩٠٪ ممن يعرفون عن حالتهم الصحية مسجلون للعلاج، و٩٠٪ من المتعالجين يستمرون حتى القضاء على الفيروس" ، وهي الأهداف التي أقرت عالمياً بالإعلان السياسي في ٢٠١٦ للقضاء على الإيدز نهائياُ في ٢٠٣٠.
واجه تنفيذ الإستراتيجية عدة تحديات، ففي الوقت الذي تعهدت فيه الحكومة المصرية بتوفير موارد وطنية للعلاج لا زال هناك العديد من الثغرات في مجالات الوقاية ، الرعاية ، الدعم ، وتوفير البيئة الملائمة التي يمكن من خلالها تنفيذ الإستراتيجية تلك التحديات التي تحتاج أن تكون نصب أعين الجهات المعنية ووضع رؤية واضحة للتعامل معها.
1- الوصم الاجتماعي المصاحب للمتعايشين مع متلازمة نقص المناعة المكتسبة الايدز فمنذ أربعون عام تقريبا ترسخ في أذهان المواطنين /ات أن فيروس الايدز هو فيروس سيئة السمعة مرتبط ارتباط وثيق بسلوكيات غير أخلاقية يتم ممارساتها من جانب بعض الأشخاص في المجتمع الوضع الذي وصل إلى حد اعتباره بين قطاع واسع عقاب إلهي للمصابين على أفعالهم المخالفة للشرائع السماوية .
2 - قلة المراكز الطبية المسئولة عن تقديم المشورة العلاجية وتقديم العلاج وتوزيعها غير عادل على مراكز الجمهورية.
3 - ندرة الأدلة البحثية المتعلقة بالمتعايشين مع الفيروس ووضعهم الصحي ، استمرارية العلاج ومحيطهم الاجتماعي.
4 ندرة الأدلة البحثية المرتبط بمعدلات انتقال الإصابة ، الأماكن الأكثر انتشارا ، وكذلك معرفة ووعي المواطنين بمتلازمة نقص المناعة المكتسبة "الإيدز".
4 - ضعف تدريب العاملين في القطاع الصحي بشكل عام ، وندرة التدريب التثقيف المتعلق بمتلازمة نقص المناعة المكتسبة "الإيدز".
هذا الوضع في الإجمال يعني بضرورة عرقلة الجهود الرامية لتقديم الخدمات العلاجية للمتعايشين مع الفيروس بشكل منتظم يضمن سلامتهم الشخصية والحفاظ على التقدم الذي تم إحرازه كما انه يعد احد أهم العراقيل التي تحول دون الوصول إلى الأهداف المرجوة بحلول عام 2030 ، والمتمثلة في القضاء على فيروس نقص المناعة المكتسبة "الإيدز".
النساء ونقص المناعة المكتسبة : -
في حقيقة الأمر يبقى سؤال ملحة من هي أكثر الفئات المهددة بالإصابة فيروس نقص المناعة المكتسبة "الإيدز" فالإجابة هنا بلا تردد النساء ، هي أكثر الفئات المهددة للإصابة بفيروس نقص المنعة المكتسبة "الإيدز" خاصة في أفريقيا والشرق الأوسط فهناك عدد من الأسباب تجعل النساء على رأس قائمة الخطر.
أولا:- من الناجية الاجتماعية تعد النساء أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة الايدز نتيجة الأعراف والثقافة المجتمعية التي تساهم في هيمنة الأفكار الذكورية على حياة النساء ، وتنعكس عليها بالسلب سواء على مستوى التعليم فنسبة الأمية بين النساء أكثر من الرجال إلى جانب هيمنة الذكور على الحياة الاقتصادية ، فتسلب حق النساء في اختيار حياتهن ، توجهاتهن ويظهر ذلك بوضوح في المناطق الأكثر فقر وفي الريف فتجبر الفتيات على الزواج المبكر أو من رجال تكبرهن في السن ، ولديهم علاقات جنسية سابقة ، وربما تكون متعددة بغطاء اجتماعي يحمي هذا التعدد وسط حرمانهن من حقهن في علاقة جنسية أمنة ، وكذلك حرمانهن من الوصول إلى معلومات تتعلق بصحتهن الجنسية .
ثانيا : الأسباب الصحية:
لذلك، يجب على المرأة التي تعرف بإصابة زوجها بالفيروس أن تحرص على استعماله للواقي الذكرى لحماية نفسها من انتقال الفيروس إليها.
إلا أن الأعراف المجتمعية السائدة والثقافة الجنسية الضبابية تدعم اغلب الرجال الذين يرفضوا استخدام الواقي الذكري بحجة أن الواقي حائل بينه وبين الوصول إلى المتعة الجنسية.
وبالرغم من توفير وسائل منع الحمل المختلفة في مصر بأسعار مدعومة أو مجانية إلا أن الواقي المهبلي يعد شيئا نادرا وسط غياب التوعية به من قبل الدولة فلا تستطيع الغالبية العظمى من النساء الوصول له .
فوفق اليونيسيف التي أعلنت تعاونها مع وزارة الصحة المصرية خلال عام 2018 - 2019 في البرنامج القومي لمكافحة الإيدز في المجالات الآتية حيث دعمت اليونيسيف مصر في : -
1 - دعم وزارة الصحة والسكان لوضع سياسة قومية وخطة عمل "للقضاء على انتقال العدوى من الأم إلى الطفل" من خلال إنتاج ومراجعة الأدلة وتطوير توافق وطني حول الأولويات الإستراتيجية
2 - دعم تنفيذ وتحسين جودة تدخلات القضاء على انتقال العدوى من الأم إلى الطفل في ١٠ إلى ١٥ من مراكز صحة الأم والطفل في ٤ محافظات، وتطوير قدرات العاملين بها، وتقوية نظم إدارة المشتريات، وآليات الإحالة، وتحديث حزمة التدريب على فيروس نقص المناعة البشرية، والوسائل التعليمية والأدوات الإرشادية.
3 - تقديم الدعم التقني والمالي لمنظمات المجتمع المدني للتعاون الفعال مع وزارة الصحة والسكان في الحفاظ على الأمهات والأطفال تحت الرعاية، وتخفيف آثار فيروس نقص المناعة البشرية/ الايدز على الأطفال والمراهقين، ومعالجة مخاطر انتقال العدوى من الأم إلى الطفل بين النساء المعرضات للخطر وشريكات الرجال المعرضين لخطر كبير.
4 - دعم البرنامج القومي لمكافحة الإيدز في دورات محو الأمية العلاجية في مراكز العلاج بمستشفيات الحميات لتركز على التزام الأمهات والأطفال في العلاج، وذلك من خلال بناء قدرات فريق الموارد (تدريب المدربين) وتطوير الأدلة التدريبية والمواد والوسائل التعليمية والأدوات الإرشادية، وتأسيس وصيانة الخط الساخن للمشورة العلاجية.
5 - دعم تأسيس وتشغيل منتدى متعدد القطاعات وبناء قدرات العاملين في البرنامج القومي لمكافحة الإيدز ومنظمات المجتمع المدني لضمان أن القضاء على فيروس نقص المناعة البشرية معمم في برامج حماية الأطفال وتنمية المراهقين، مع رفع الوعي وتحسين الوصول إلى الاختبارات والاستشارات الطوعية ما بين الأطفال والمراهقين الأكثر عرضة للخطر.
6 - دعم وزارة الصحة والسكان في جهود الدعوة لبيئة خالية من الوصم والتمييز لتعزيز وصول الأمهات والأطفال المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز، للخدمات الصحية.
وبالرغم من المجهود الكبير المبذول في إطار هذا التعاون إلا أن تلك الجهود لا ترتقي إلى حكم المشكلة لذلك توصي مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون بضرورة :
1 - إعداد خطة توعية شاملة مدعومة من قبل الدولة ووسائل الإعلام ، رجال الأعمال للتصدي لحالة الوصم الاجتماعي والتوعية بمخاطر فيروس نقص المناعة المكتسبة ، ضرورة استمرارية تلقي العلاجات ، والوقاية من نقل العدوى.
2 - التوسع في مراكز العلاج مع الإعلان عن تواجدها وانتشارها بين المراكز المصرية المختلفة قدر الإمكان.
3 - التوسع في إجراء الفحوصات الطبية ، وإضافة فيروس نقص المناعة المكتسبة إلى قائمة صورة الدم الكاملة.
4 - ضرورة أن يكون التوعية بفيروس نقص المناعة المكتسبة ضمن برامج منظمات المجتمع المدني خاصة المعنية بحقوق النساء ، والحق في الصحة .
5 - التوسع في التوعية عبر الكتيبات الاسترشادية في المدارس ، الجامعات ، المراكز الثقافية ، الرياضية ومراكز الرعاية الأولية.
6 - التوسع في التدريب لكافة العاملين بقطاع الصحة بالتعامل مع فيروس نقص المناعة المكتسبة بشكل دوري ومنتظم.
مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون