المستشار/ محمد سمير أحمد - المتحدث باسم النيابة الإدارية
مدرس النظم السياسية و القانون الدستوري - المحاضر في قضايا النوع الاجتماعي - مصر
مما لا شك فيه أن مجال الخدمة الطبية يعد أحد أهم الخدمات التي تكفلها الدولة لمواطنيها سواء في مجال الجهات الطبية والعلاجية التي تديرها الدولة (القطاع الحكومي) أو غيرها من الجهات التي يديرها أشخاص (قطاع خاص) ولكنها تخضع لإشراف الجهات الرسمية ممثلة في وزارة الصحة والقطاعات التابعة لها ، ونظراً لما يرتبط بالخدمة الطبية من خصوصية خاصة سواء في طريقة تقديمها أو حساسيتها يمكن
اجمالها في العناصر التالية:
1- تفرد الخدمة الطبية بارتباطها الوثيق بحياة الإنسان وحالته الصحية وهما القيمة الأسمى لكافة الحضارات الإنسانية بالخصوص.
2- حالة الهشاشة التي قد يكون عليها متلقي الخدمة الطبية ذاتها والتي يمكن التعبير عنها بجلاء في حالات (الحوادث-الغياب عن الوعي-التخدير) وغيرها ، والتي تستوجب معايير أكثر انضبطاً وصرامة في إدارة العلاقة بين مقدم الخدمة ومتلقيها عن مثيلاتها في غيرها من الخدمات.
3- خصوصية الخدمة ، والتي تفرض أن يتم تقديمها عادة في أماكن مخصصة مغلقة يتعامل فيها المريض/المريضة مع مقدمي الخدمة وحدهم بصفة عامة ، وهو ما سينعكس أثره البالغ على فاعلية الاثبات القانوني وتوثيق الواقعات.
4- نقص المعلومات الذي يكون ملازماً لأغلب حالات متلقي الخدمة الطبية باعتبار التخصص الدقيق للطب الذي يستلزم قراءة متخصصة لا تتوافر لمن كان خارج إطار المنظومة ككل ومن ثم يكون الاعتماد الكلي والأساسي على مقدمي الخدمة الطبية.
5- ما تستلزمه بعض الحالات خاصة في مجالات الجراحة العامة والنساء والتوليد والطب النفسي من انكشاف جسدي ونفسي كامل أحياناً بين متلقي الخدمة ومقدميها مما يؤكد على أهمية صرامة تلك المعايير المتبعة في هذا المجال تحديداً عن غيرها من كافة المجالات الخدمية.
نماذج من الواقع العملي لصور العنف القائم على أساس النوع الذي تتعرض له من تتلقى الخدمة الطبية
أولاً: تشويه الأعضاء التناسلية للإناث FGM
لم يبدأ تجريم تلك الجريمة تشريعيًا إلا في عام 2008 ، فصدر التعديل التشريعي بالقانون رقم 126 بتعديل أحكام قانون العقوبات المصري وبناًء عليه اُضيفت فقرة للنص الخاص بالمادة 242 من قانون العقوبات نصت على :"يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه كل من أحدث الجرح المعاقب عليه فى المادتين (241 ؛ 242) من قانون العقوبات عن طريق إجراء ختان لأنثى"
ورغم أن هذا النص جاء مفرطاً في اللين، بل ولم يتجه لتحريم الختان في حد ذاته، أو بقية أطرافه الأساسيه كالأب أو الأم، واكتفى فقط بتجريم الجرح الناتج عن تلك الجريمة فقط ، إلا أن القانون ذاته تم الطعن عليه أمام المحكمة الدستورية العليا؛ بحجة عدم دستوريته باعتباره مخالف لمباديء الشريعة الإسلامية التي هي مصدر رئيسي للتشريع وفقاً للدستور، حيث حكمت المحكمة الدستورية العليا بعدم قبول الدعوى.
منذ ذلك التاريخ ورغم تجريم الختان في النظام التشريعي المصري إلا أنه لم يصدر حكم واحد بالحبس على مرتكب تلك الجريمة مجرداً - رغم أن هناك قضيتين شهيرتين لجريمة الختان سمع بهما الرأي العام وصدرت فيها أحكام قبل المتهمين.
القضية الأولى
Øالطفلة القتيلة سهير الباتع / 13 عاماً مركز أجا محافظة الدقهلية ، والتي فاضت روحها إلى بارئها عام 2013 نتيجة قيام والدها باصطحابها لعيادة أحد الأطباء لإجراء عملية ختان. وقد برأت محكمة الجنح كل من الطبيب والأب من الجريمة استنادًا إلى التصالح بينهم.
Øالنيابة العامة إستأنفت الحكم وأصدرت محكمة الجنح المستأنفة حكمها بمعاقبة الطبيب بالسجن عامين بتهمة القتل الخطأ وثلاثة أشهر بتهمة إجراء عملية غير قانونية، و رفضت المحكمة الدعوى المدنية من المجلس القومي للأمومة والطفولة، ومركز قضايا المرأة، ومركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية ومنظمة المساواة الآن
Øبل أن الطبيب لم يحبس سوى ثلاثة أشهر فقط لانه تصالح مع والد الضحيه باعتباره ولي أمرها في القتل الخطأ ومن ثم سقطت عنه عقوبتها (والد الضحيه الذي كان فاعلاً أصلياً في الجريمة)
القضية الثانية
Øالطفلة القتيلة ميار / 17 عاماً محافظة السويس ، والتي فاضت روحها إلى بارئها عام 2016 نتيجة قيام والدتها باصطحابها وشقيقتها لعيادة أحدى الطبيبات لإجراء عملية ختان لكل منهما فتوفت الأولى
Øصدر فيها حكم محكمة جنايات السويس بحبس كل من والدتها والطبيبة التي اجرت العمليه وطبيب التخدير عاماً واحداً مع إيقاف التنفيذ و تغريم الطبيبة وطبيب التخدير خمسة الاف جنيه وتغريم والدتها الف جنيه.
Ø المحكمة حكمت بوقف تنفيذ العقوبة عملاً بنص المادة 55 من القانون الجنائي والتي تعطي للمحكمة سلطة الحكم بوقف تنفيذ العقوبة. وهنا لابد ان يستوقفنا نص المادة وهو: " يجوز للمحكمة عند الحكم في جناية أو جنحة بالغرامة أو بالحبس مدة لا تزيد على سنة أن تأمر في نفس الحكم بإيقاف تنفيذ العقوبة إذا رأت من أخلاق المحكوم عليه أو ماضية أو سنه أو الظروف التي ارتكب فيها الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود إلى مخالفة القانون ويجب أن تبين في الحكم أسباب إيقاف التنفيذ"
Øأغفلت المحكمة التصدي لجريمة أخرى وهي "تشويه للأعضاء التناسلية" بإجراء عملية "ختان" لشقيقة الضحية التوأم في ذات اليوم إلا أنها ظلت على قيد الحياة وهي الجريمة التي ارتكبها ذات الجناة وكان يتعين التصدي لها والفصل فيها.
•كلتا القضيتين لم يكن الرابط بينهما هو جريمة الختان على الإطلاق بل أنهما لم يكونا ليحصلا على أي نوع من الاهتمام الإعلامي لولا رابط أخر أهم ألا وهو مقتل كلتا الضحيتين.
•مؤخراً وفي نهاية عام 2016 تم تعديل التشريع الجنائي مرة اخرى ليتضمن تغليظ العقوبة على من يقوم بختان الأنثى لتصل العقوبة بالسجن من 5 سنوات إلى 7 سنوات، بدلاً من العقوبة السابقة التى كانت تتراوح من 3 أشهر إلى 3 سنوات.
•
•ومن ضمن التعديلات (تحويل عقوبة الختان من جنحة إلى جناية، وأيضًا السجن المشدد 15 سنة إذا أفضى إلى عاهة مستديمة أو الموت كما تصل العقوبة لمن يصطحب أنثى للختان من سنة إلى 3 سنوات).
المعوقات والصعوبات القانونية
تكريس القانون بصفة عامة لمفهوم الولاية الأبوية والذي يسمح للجاني -وهو عادة ما يكون ولي الأمر وصاحب اليد العليا على الضحية – بأن تستمر ولايته ووصايته على الضحية حتى بعد الجريمة بل وحتى إذا نتجت عن الجريمة وفاتها فيظل الأب عادة ممثل الضحية القانوني وهو ما يفتح باباً للهروب من تبعات العقوبة بالتصالح مع الجاني "الطبيب" الذي باشر تلك الجريمة وهو ما تم تحديداً في قضية الطفلة سهير الباتع السابق الإشارة إليها.
•مع التعديل التشريعي الجديد وتجريم من يصطحب الضحية لإجراء عملية الختان ، ظهرت عقبة أخرى تتمثل في الاحجام عن الابلاغ نتيجة الخوف من العقاب فإذا كان أحد الأطراف "أب-أم" قد شارك في اصطحاب نجلته لإجراء الختان وتوفت خلال ذلك الإجراء نجدهم يسارعون للحصول على تقارير طبية مزورة بهدف التغطية على الواقعة للافلات من العقاب وهو ما يترتب عليه إفلات الفاعل الأصلي -الطبيب - أيضا" من العقاب "الرشوة".
•مع التعديل التشريعي الجديد وتجريم من يصطحب الضحية لإجراء عملية الختان ، ظهرت عقبة أخرى تتمثل في الاحجام عن الابلاغ نتيجة الخوف من العقاب فإذا كان أحد الأطراف "أب-أم" قد شارك في اصطحاب نجلته لإجراء الختان وتوفت خلال ذلك الإجراء نجدهم يسارعون للحصول على تقارير طبية مزورة بهدف التغطية على الواقعة للافلات من العقاب وهو ما يترتب عليه إفلات الفاعل الأصلي -الطبيب - أيضا" من العقاب "الرشوة".
•عادة ما تجرى هذه الجريمة على ضحية في سن صغيرة للغاية وقد يصاحبها أجواء احتفالية يترتب عليها ألا تستوعب ما حدث لها إلا بعد مضي وقت طويل تكون فيه الجريمة قد سقطت بالتقادم سواء بمضي 3 سنوات كجنحة في القانون القديم أو عشرة سنوات كجناية وفقاً للقانون الجديد.
البعد المتعلق ببعض التفسيرات الدينية ، يظل هو العائق الأكبر والأصعب الغالب والمؤثر على مقاومة أي نجاح يتم تحقيقه على الأرض للحد من تلك الجريمة ، ورغم صدور فتاوى حديثة من المؤسسات الدينية الرسمية تؤكد عدم وجود أي علاقة بين الختان والدين بأي شكل إلا أننا لا يجب أن نتغافل عن وجود تيارات متشددة تدعم وتبارك هذه الجريمة باعتبارها طقساً مقدساً.
المقترحات
أولاً : التعديلات التشريعية
uأن تعد الفتاه الضحية متى ثبت أن ولي الأمر القانوني مشترك في الجريمة وسواء كانت على قيد الحياة أو توفاها الله ، تحت ولاية الدولة ومن ثم فتمثلها النيابة العامة تمثيلاً قانونياً وتنوب عنها وهو ما سيقطع الطريق على أي محاولات للصلح بين الجناة -الذين عادة ما يكونوا أولياء أمور الضحية أو أحدهما- للإفلات من العقوبة.
qأن يتضمن القانون إعفاء ولي الأمر من العقوبة متى أبلغ عن الجريمة خاصة خلال مرحلة الأعمال التحضيرية أو الشروع فيها و البدء في تنفيذها.
qأن يتضمن القانون عقوبة تبعية بقوة القانون فبمجرد صدور حكم جنائي نهائي على طبيب ما في جريمة ختان بالشطب من سجلات النقابة والمنع من ممارسة المهنة مؤقتاً أو للأبد بحسب الأحوال ، بخلاف العقوبات الإدارية التي تشمل غلق المؤسسة العلاجية.
qفتح مدد التقادم الخاص بالجريمة بحيث لا يبدأ إحتساب مدة تقادم الجريمة إلا بعد بلوغ الضحية ثمانية عشرة سنة ميلادية لتفويت الفرصة على الجناة من الافلات من العقوبة مستغلين صغر سن الضحية وعدم إدراكها ما قد وقع عليها من جرم.
§تدريب رجال السلطتين التنفيذية والقضائية وتوعيتهم بالأبعاد الكلية للجريمة مع أهمية إنشاء وحدات شرطية ونيابات ودوائر قضائية لمثل هذا النوع من القضايا ولقضايا العنف ضد المرأة بالعموم بحيث يسهل اختيار أعضاءها وتوعيتهم وتدريبهم بشكل فعال.
vتظل الطامة الكبرى لتلك الجريمة ما يتم الترويج له باعتبارها طقسا دينيا وهوأمر يلقى رواجا لابأس به أبداً بين فئات عدة من المجتمع يتعين ان يتم التصدي له وتفنيده من قبل المؤسسات الدينية الرسمية بشكل يقطع كل رابط لتلك الجريمة بالدين ولا يتم مجرد الاكتفاء ببيانات هنا او هناك بل تتم التوعيه على مستوى قاعدي يصل حتى إلى خطب المساجد والزوايا فضلا عن وسائل الإعلام على اختلافها.
ثانيــــاً: الحرمان من حق الولادة الطبيعية
تعاني الكثير من السيدات في مرحلة الولادة خاصة من كانت منهن خاضعة لنظام تأمين طبي بل وحتى من كانت تتابع حملها مع بعض الأطباء من رغبة هؤلاء في تحديد موعد للولادة دون الحاجة للانتظار لحين اكتمال العلامات الحيوية الخاصة بالولادة الطبيعية ، أو للفارق في سعر الخدمة الطبية المقدمة ، أو لخوف الأم من آلام المخاض ، أو عدم الوعي الكافي وهو ما يترتب عليه خضوعها لعملية جراحية غير ضرورية بأي حال ، يكون لها آثارها الصحية خاصة فيما يتعلق بفترات التعافي والصحة العامة والمضاعفات المحتملة.
المــقــــتـــــرحــات
تظل الصعوبة هاهنا أن نطاق التجريم القانوني دوماً ما ينسحب على التدخل الجراحي الغير إرادي على جسد المريض لتشكل جريمة الجرح المنصوص عليها في قانون العقوبات المصري ، ومن ثم بات لزاماً اتباع سياسات توعوية تستهدف الأمهات والفتيات المقبلات على الزواج للتعريف بالفارق بين الولادة الطبيعية وبين التدخل الجراحي لإجراء الولادة القيصرية وأهمية ألا يكون الإجراء الأخير إلا في حالة وجود خطورة على حياة الأم أو الجنين يقدرها الطبيب المعالج وفق ضوابط طبية صارمة.
إلزام عيادات الأسرة ومكاتب الصحة الإنجابية وعيادات أطباء النساء والتوليد بإدراج تلك التوعية ضمن كارت المتابعة الخاص بالسيدات الحوامل ، على أن يأتي هذا بالتوازي مع حملة إعلامية تتضمن تلك الرسالة بأسلوب مبسط.
وأخيراً تضمين مناهج كليات الطب ما يؤكد على أهمية الولادة الطبيعية كأصل عام دون اللجوء للجراحة إلا في حالات الضرورة.
ثــالثـــا: التعامل مع الناجيات من العنف الجنسي
تتخذ تلك الصورة من العنف ضد النساء بالعموم صورتها الأكثر قسوة في التعامل الطبي مع الناجيات من حوادث اغتصاب ، حيث يمثل حصول الناجية هنا على الإسعافات الطبية اللازمة هاهنا أهمية قصوى فيما يتعلق بسلامتها الصحية من الأمراض التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي أو من حمل نجم عن الجريمة ، فضلاً عن غياب الدعم النفسي الفوري في مراحل توقيع الكشف الطبي.
الإشــكــالـيـــة القـــانـــونيــة
الإجهاض مجرم وفق قانون العقوبات المصري باعتباره جنحه في صورته البسيطة م 261 وجناية إذا نجم عن الإيذاء البدني كالضرب م261، بل شدد المشرع العقوبة إذا كان من قام به طبيباً أو صيدلياً م263، بل أن تحليل سلوك المشرع في إطار منهجية فلسفة التشريع من شأنه أن يكشف ما اعتبره المشرع جريمة كبرى وهو الإجهاض بأن خصص له باباً مستقلاً في قانون العقوبات (الباب الثالث).
وبعيداً عن الجدل العالمي حول تجريم الإجهاض وحق الاختيار ، فإنه وحتى الآن فشلت كل الجهود السابقة حول استحداث نص تشريعي يستثني إجهاض المغتصبة من نطاق التجريم في القانون العقابي المصري.
الإشـــكـــالــــيــــة
تأخذ الإشكالية هاهنا عدة جوانب
فمن ناحية يظل الرأي الديني بحرمانيه الإجهاض إلا في حالات الخطورة على حياة الأم أو كون الجنين مصاب بتشوهات خطيرة ما قبل اكتمال الشهر الرابع للحمل ، ومن ثم فالتعامل مع المغتصبة يكون دوماً مغلفاً بالفكرة المسبقة عن حرمانية الإجهاض.
كما يبرز على السطح الخوف من تبعات المسئولية القانونية والوقوع في نطاق التجريم في إطار الوضع التشريعي الحالي.
ومن زاوية أخرى لا يمكن إغفال الجانب المجتمعي حول النظرة لضحايا الاعتداءات الجنسية باعتبارهن أحياناً ما يكن شريكات في الجريمة من وجهة نظر الثقافة السائدة التي ترى أن ملابس الضحية اوسلوكها أو نطاق حركتها قد يكون عاملاً مسبباً للجريمة.
المــقــــتـــــرحــات
إجراء حوار موسع حول القضية يراعي كافة الأبعاد مع إشراك المؤسسات الدينية الرسمية للوصول إلى صيغ مقبولة للإجهاض الآمن في هذا الشأن.
المرحلة اللاحقة تتضمن التعديل التشريعي بانزال الاغتصاب كسبب من أسباب الإباحة حيال تجريم الإجهاض بحيث يلحق بالضحية وبمن قام بإجهاضها.
توفير الدعم النفسي للناجيات من العنف في كافة مراحل توقيع الكشف الطبي مع نشر ثقافة تدعم المهنية والسلوك الموضوعي المحايد لمقدمي الخدمة الطبية بعيداً عن أحكامهم الأخلاقية الخاصة في إطار سياسات عامة تحكم ممارسات المهنة.
رابعـاً: التحرش والانتهاك الجنسي
وهي أحد أشهر صور العنف المبني على أساس النوع والذي قد تتعرض له النساء حال تلقيها الخدمة الطبية والذي يشمل على سبيل المثال لا الحصر:
•ملامسة أجزاء من جسدها دون مقتضى طبي/ الانتهاك الجنسي
•التحرش اللفظي بكافة صوره
وبعيداً عن السياق التاريخي لتجريم التحرش الجنسي والذي شهد تطوراً لافتاً مع عامي 2013 / 2014 مع تعديل المادة 306/أ من قانون العقوبات المصري ، إلا أن الأزمة الحقيقية هنا تظل في صعوبة الإثبات لغياب الأدلة وللخصوصية التي تتمتع بها مراحل توقيع الكشف الطبي على نحو ما سبق وذكرناه
أمثلة (حجرات الكشف / سيارات الإسعاف / غرف العمليات والإفاقة / الطوارئ).
المــقــــتـــــرحــات
تطبيق البروتوكولات المعتمدة فيما يخص توقيع الكشف الطبي على النساء وضرورة وجود ممرضة في غرفة الكشف (خاصة في مجالات الجراحة وطب النساء والتوليد).
عدم السماح للمسعف بالتواجد مع حالات الطوارئ بمفرده داخل سيارة الإسعاف.
ضرورة أن يكون التصميم الهندسي للمستشفيات خاصة غرف الإفاقة من التخدير مراعياً لتوفير بيئة آمنة للنساء.
توعية النساء بخطوات الكشف الطبي اللازمة لكل حالة تفصيلاً قبل إجراء أي كشف.
وضع آليات فاعلة للإبلاغ عن واقعات التحرش والاعتداء الجنسي تضمن خصوصية بيانات المجني عليهن ونزاهة لجنة التحقيق.
عمل توعية دورية للقائمين على المنظومة العلاجية ذاتها حول مفهوم التحرش الجنسي مع وضع عقوبات تأديبية صارمة لمن يثبت تورطه بارتكاب مثل تلك الجرائم قد تصل إلى الفصل من الخدمة (العمل الحكومي) أو المنع من مزاولة المهنة مؤقتاً أو بصفة دائمة في حالات العود.
خامســـاً: إفشاء الأسرار وانتهاك الخصوصية والابتزاز
يتخذ العنف الجندري هنا عدة صور مختلفة فيما يتعلق بسرية ما يعرفه مقدم الخدمة من بيانات خاصة بالمتلقية، إلا أنه يأخذ أبلغ صوره في مجال الطب النفسي ، التي تكشف فيها متلقية الخدمة الطبية كافة مكنوناتها وأسرارها والتي تأخذ بعداً مختلف تمام الاختلاف فيما يتعلق بتعامل المجتمع مع أقرانها من الذكور.
ومن ثم كانت الحاجة لتضمين السياسات العامة بند الخصوصية المطلقة في التعامل مع بيانات المرضى وتحديد ما يترتب على انتهاك خصوصية المريض/ة في هذا الخصوص من عقوبات تأديبية.
سادســـاً: التعنت في تقديم الخدمة الطبية بسبب الحكم الأخلاقي (الوصم المجتمعي)
اللافت للنظر أن التعامل مع مجموعة معينه من الأمراض يلقي بظلاله حول البعد الجندري خاصة إذا كانت لتلك الأمراض قوالب ذات طبيعة أخلاقية وفقاً للعرف المجتمعي (الإدمان / الأمراض التي تنتقل عن طريق ممارسة العلاقات الجنسية) ففي هذه الحالات أحياناً ما تكون النظرة الأخلاقية المسبقة لمقدم الخدمة الطبية عنصراً مؤثراً في التعنت في تقديم الخدمة الطبية للمريضات أو تعمد التحقير من شأنهن أو معاملتهن بشكل غير لائق لا يراعي الكرامة الإنسانية وحقوق المرضى.
المــقــــتـــــرحــات
تدريب القائمين على أداء الخدمة الطبية على اختلافهم ( أطباء / أخصائيو التحاليل / أخصائيو الأشعة / التمريض / ...) على التعامل مع الحالات الطبية بشكل موضوعي مهني بعيداً عن الأحكام الأخلاقية الشخصية عبر ورش عمل مستمرة وإدماج ذلك التوجه في السياسات العامة المقترحة.
تشمل العديد من نظم التأمين الصحي للعاملين بالجهات الحكومية على وجه الخصوص تأمين علاجي للموظف وأسرته ، ألا أن اللافت للنظر أن التأمين الصحي يشمل تغطية الموظفين الذكور وزوجاتهم وأبنائهم بينما لا يشمل التأمين الصحي للموظفة سوى شخصها وأطفالها دون الزوج في مفارقة غريبة.
المقترحات: تضمين السياسات العامة المزمع إصدارها النص على ضرورة المساواة التامة في التغطية التأمينية غير منحازة الجنس لكافة العاملين مع مخاطبة الجهات المعنية في هذا الشأن.