لا يزال ختان الإناث منتشرًا على نطاق واسع - ولكنه يُدان بشكل متزايد - في معظم أنحاء شمال وشرق أفريقيا. ومع ذلك، فإن التاريخ الحديث للممارسة في مصر يمثل تحديات خاصة لأولئك الذين يحاولون إنهائه. في مصر، تعرضت ٩٢% من النساء والفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين ١٥ و٤٩ سنة لشكل من أشكال ختان الإناث - ٧٢% منهن من قبل الأطباء. وعلى الرغم من حدوث تغير إيجابي في مواقف النساء من الختان، لا يزال هناك دعم واسع النطاق لاستمرار ختان الإناث في مصر. كما أظهر المسح السكاني الصحي لعام ٢٠٠٨ أن ٦٣% من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين ١٥ و٤٩ سنة يعتقدن أن الممارسة يجب أن تستمر، فإن ختان الإناث يُعتبر جزء من النسيج الاجتماعي للمجتمع المصري بسبب ارتباطها بالعادات والتقاليد أكثر منها من أي شيء آخر، فهناك عدة قرارات وقوانين وفتاوى دينية صدرت من قبل، لكن الموروث الثقافى الشعبى مؤثر بشكل كبير، لأن الكثير من الأسر المصرية لا زالت للأسف رافضة للتغيير لارتباط الختان عندها بالعفة.
وفي بعض الحالات تدعمه المعتقدات المرتبطة بالدين. كما كانت تفضيلات الأزواج للنساء المختونات ومنع الزنا من بين الأسباب الأكثر ذكرًا من قبل النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين ١٥ و٤٩ عامًا لدعم هذه الممارسة (٦٠%، ٣٩% على التوالي).
وتنشر مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون هذه الورقة فى إطار فعاليات اليوم العالمى لمناهضة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث المعروف بختان الإناث.
تعريف ختان الإناث
يشير مصطلح تشويه الأعضاء التناسلية للإناث (ختان الإناث) إلى جميع الإجراءات التي تنطوي على الإزالة الجزئية أو الكلية للأعضاء التناسلية للإناث الخارجية أو إصابة أخرى للأعضاء التناسلية للإناث لأسباب ثقافية أو أسباب غير طبية أخرى.
حقائق عن جريمة ختان الإناث
يشمل ختان الإناث الإجراءات التي تغير عن عمد أو التسبب في إصابة الأعضاء التناسلية الأنثوية لأسباب غير طبية.
يصنف ختان الإناث إلى أربعة أنواع رئيسية:
ما قبل صدور القانون
في عام 1997 تم حظر ختان الإناث بقرار من وزير الصحة، ولكن لم يتم حظر هذه الممارسة تماما ً حيث تم السماح بها في بعض الحالات بموافقة ممارس من الطاقم الطبي، وفي عام 2007 أصدرت وزارة الصحة قرارا وزاريًا يحظر على جميع العاملين في مجال الصحة إجراء عمليات ختان الإناث في المستشفيات، والعيادات الحكومية أو غير الحكومية.
في عام ٢٠٠٧، أصدر مفتي الجمهورية علي جمعة فتوى تدين ختان الإناث وأصدر المجلس الأعلى للبحوث الإسلامية في الأزهر بيانًا يوضح أن ختان الإناث ليس له أساس في الشريعة الإسلامية الأساسية أو أي من أحكامها الجزئية.
أصدرت وزارة الصحة المصرية في عام ٢٠٠٧ قرارًا وزاريًا (٢٧١) يسد ثغرة في المرسوم السابق لعام ١٩٩٦ بمنع الجميع، بمن فيهم العاملين في مجال الصحة، من ممارسة ختان الإناث في المستشفيات/العيادات الحكومية أو غير الحكومية. وفي سبتمبر ٢٠١٢، أطلق اتحاد أطباء أمراض النساء والتوليد المصري بيانًا أعلن فيه أن ختان الإناث ليس إجراءً طبيًا ولا يُضم في أي منهج طبي إلا كممارسة يجب منعها وبالتالي لا يوفر القانون الحماية للأطباء الذين يمارسونه.
جريمة ختان الإناث فى الدستور والقانون المصرى
تضمن الدستور المصري الذي شمل مواد تمنع ختان الإناث واعتبرها جريمة في حق الفتيات، ففي المادة ٨٠ ، تلتزم الدولة برعاية الطفل ،وحمايته من جميع أشكال العنف، والإساءة ،وسوء المعاملة، والاستغلال الجنسي في المادة ١١ ، تلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين الواجبات الأسرية ومتطلبات العمل.
وتم إصدار أولى النصوص الجنائية المتعلقة بالحماية ضد ختان الإناث حيث وافق البرلمان المصري في يونيو ٢٠٠٨ على تجريم ختان الإناث في قانون العقوبات، ووضع حد أدنى للحبس الاحتياطي لمدة ثلاثة أشهر وبحد أقصى عامين، أو عقوبة بديلة بحد أدنى ١٠٠٠ جنيه مصري وبحد أقصى ٥٠٠٠ جنيه. وبرغم صدور القانون منذ عام ٢٠٠٨لم يُدان أي شخص بموجبه.
كما تضمن قانون الطفل الجديد تشكيل لجان حماية الطفل على مختلف المستويات الوطنية مع واجبات لتحديد الأطفال المعرضين لخطر الإهمال وإساءة المعاملة، بما في ذلك الفتيات المعرضات لخطر الختان، ودعمهم ومراقبتهم. علاوة على ذلك، استضافت مصر في عام ٢٠٠٨ اجتماعًا إقليميًا بعنوان " إعلان القاهرة+5 للتشريع وختان الإناث" للمساعدة في تطبيق التشريعات. هذا المؤتمر هو متابعة لاجتماع عام ٢٠٠٣ الذي انعقد في القاهرة وأسفر عن وثيقة قانونية مهمة حول ختان الإناث بعنوان "إعلان القاهرة للقضاء على ختان الإناث." كانت الأهداف الرئيسية للمؤتمر متابعة توصيات المؤتمر السابق وإطلاق حملة دولية تهدف إلى إحياء الاهتمام العالمي بمكافحة ختان الإناث.
وجاءت تعديلات 2016 بإعادة تعريف ختان الإناث بوصفه جناية بدلاً من جنحة، وزيادة العقوبة على ممارسة ختان الإناث بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد عن سبع سنوات، وتصل إلى السجن المشدد لمدة 15 سنة إذا نشأ عن فعل ختان الإناث وفاة الضحية أو عاهة مستديمة ،كما نصت المواد على عقوبة بالسجن لمدة تتراوح بين سنة، وثلاث سنوات لكل من طلب ختان أنثى وتم الختان بناء على طلبه. وأخيرا فى عام 2021 وافق البرلمان المصرى على إجراء بعض التعديلات بقانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937، وجاءت التعديلات في المادتين (242 مكررا)، و(242 مكررا أ) المتعلقة بجرائم ختان الإناث .
وتنص التعديلات التي جاءت بتجريم ختان الإناث على ما يلى:
"يُعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات كل من أجرى ختاناً لأنثى بإزالة جزء من أعضائها التناسلية أو سوّى، أو عدّل، أو شوّه، أو ألحق إصابات بتلك الأعضاء، فإذا نشأ عن ذلك الفعل عاهة مُستديمة، تكون العقوبة السجن المشدد، لمدة لا تقل عن 7 سنوات، أما إذا أفضى الفعل إلى الموت، تكون العقوبة السجن المشدد، لمدة لا تقل عن 10 سنوات."
كما نصت التعديلات في المادة (242 مكررا أ) على أن " يُعاقب بالسجن كل من طلب ختان أنثى وتم ختانها بناء على طلبه، على النحو المنصوص عليه بالمادة (242 مكررا)، كما يُعاقب بالحبس كل من روّج، أو شجع، أو دعا بإحدى الطرق المبينة بالمادة (171) لارتكاب جريمة ختان أنثى ولو لم يترتب على فعله أثر. ووفقا لهذا التعديل الذي جرم كافة الوسائل الداعية والتي كان يستخدمها البعض من أجل دعم وتأييد ممارس عملية الختان ضد الإناث أصبح القانون يعاقب على كل من روج أو دعا لأهمية ختان الإناث حتى لو لم يترتب عليه أثر.
وتري مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون أن تلك التعديلات التي شملت الاعتراف المباشر بحق النساء في جسد سليم دون عنف هو أحد أهم ما جاء في تلك المادة فالعقوبة قبل التعديل كانت مرهونة بحالة ضرورة أجراء عملية الختان من عدم وهو الأمر الذي كان يعد عوارا تشريعيا حيث أن النص في الماضي لم يكن يعترف بشكل تام أن الختان هو جريمة تمارس ضد أجساد النساء بشكل عام وهو ما كان يفتح الباب للتلاعب القانوني من أجل إثبات أن تلك الجريمة التي تمر ممارستها جاءت لضرورة طبية.
التوصيات
تؤكد مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون أن تلك التعديلات هي خطوة على الطريق السعي إلى إنهاء حالة العنف المبني على النوع الاجتماعي والذي يستوجب الإسراع في تعديل ووضع منظومة تشريعية تعترف وتعاقب على كافة أشكال العنف الممارس ضد النساء داخل المجتمع المصري.
مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون